![قصة قصيرة عنوان: اختلاف حيثيات للكاتبة هند ناصرِ](https://i0.wp.com/prelovedbooksjo.com/wp-content/uploads/2024/10/%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%81-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D8%A9-1.png?fit=6912%2C3456&ssl=1)
ركبا السيارة، أدار المحرك، الحمدلله إنها تعمل، انطلقا، الوجهة، ليس هناك وجهة، المهم الآن هو الخروج من هذا الكابوس، الابتعاد جدَا عن هذا الرعب، ما الذي حصل، كيف تصاعدت الأحداث حتى هذا الحد؟
منزل بسيط، على قمة هضبة صغيرة، تحيط به الأعشاب الخضراء، تاركة المجال للنظر، والتمعن بالهدوء والخضرة وزرقة السماء، إلا أن صوت هذا الديك، آبى إلا أن يصاحب المشهد الخلاب، جمعت 5 بيضات، عادت إلى المنزل، وبدأت في تحضير الأومليت، كما تحبه ابنتها الصغيرة، قبل أن توقظها، أيقظت زوجها، أخبرته أن الصباح جميل، وعليه أن يتزود ببعض منه، يواجه به يومه الحافل، أخبرها بأنه اشتاق لرشا، ويريد أن يوقظها هو من النوم، لم تمانع، رغم شوقها الكبير أيضًا.
حول الطاولة، جلس الزوج، الزوجة، ورشا، التي كانت مسرورة للغاية، بالأومليت الذي أعدته والدتها خصيصًا لها، مع بعض من حبات الطماطم الصغيرة، التي ترسم وجهًا باسمًا لها فقط.
تبادلوا القبل جميعهم، رشا ذاهبة إلى المدرسة، توصلها والدتها، الزوج ذاهب إلى عمله، والزوجة بعد ذلك تعود لتكمل عملها في المنزل، كونها كاتبة، ولا يلزمها سوى شاشة الحاسوب لإنجاز أعمالها الروائية.
خلعت معطفها على عجل، الحذاء سقط هو الآخر وهي تركض نحو مكتبها، حيث يقبع جهاز الحاسوب، فتحته بسرعة كادت أن تكسره بها، وعادت إلى نشأت، تكتب وتكتب وتكتب شوقها إليه، وتصف له كيف كانت أم مذهلة هذا الصباح، وزوجة مطيعة ذلك المساء، لكنها معه، كلها معه، روحها وعقلها معه، تفكر فيه فقط، وكل ما تقوم به اتجاه عائلتها الصغيرة، هو دور ثانوي، يدعم دورها الرئيسي معه.
تجاوزت الألف كلمة، وهي تكتب وتصف حدثً واحد، اللقاء والشوق، بدأت بعدها في سرد الآتي: بعد أحضانٍ وقبلات كثيرة، خرج نشأت غاضبًا من وداد، لماذا لا تطلب الطلاق، وتنفصل عن زوجها وتنهي المسألة، هي لا تكون سعيدة إلا بجواره، فلماذا هذا التأجيل والتأخير، أخبرته بأنها لا تستطيع تركه الآن، وعليه أن يصبر حتى يحين الموعد المناسب، وبأنه هو حبيبها وعشيقها الوحيد، وحياتها الخارجية مع زوجها محض فيلم سينمائي، نهايته قادمة لا محالة، وكل ما نحتاجه هو الصبر، مؤكدة بأنها له، بروحها وعقلها وجسدها، ولكن نشأت يريد أكثر من ذلك، يريد منزلًا دافئ، وأطفال مبهجين، وديكً يصيح، وأومليت في الصباح.
أغلقت الحاسوب، لم يرق لها منحنى القصة هكذا، لماذا أصرت على نشأت بأن يكون له دور دراماتيكي الآن، ولم تبقه في غياهب الجب كما كان!
صوت جرس الباب، رشا! كيف عادت لوحدها، لا، كان والدها معها، دخل يلعن الرواية، والقصة، وانسحابها الانهائي من الحياة حين تكتب!
استشاط غضبًا حين قالت بأن هذا هو عملها، وهو يعلم ذلك وعليه أن يستوعبه، حسنًا هو يدرك ذلك، لكن أن تغادر الواقع وتنسى ابنتها وزوجها وحياتها، لن يغفر ذلك هذه المرة، صعدت رشا إلى غرفتها مسرعة، والزوج كان قد بدأ في الصراخ، لم يتمالك أعصابه، وهي، شتمته، شتمته وأخبرته بإن هذه هي وهذه هي حياتها التي تعيش، وما هو إلا عنصر إضافي في القصة الكبيرة، أخبرته بإنها تعيش لتكتب وتكتب لتعيش، وإن كان يرى أن هذا الأمر لا يناسبه، يمكنها الآن الانسحاب، وليكمل هو وابنته طريقهم، ولتكمل هي كتاباتها!
إرتدت المعطف نفسه، وخرجت، ركبت السيارة، التي كانت تنتظرها، وضعت حزام الآمان، وابتسمت لنشأت معلنة بإن قصتهما قد بدأت، وقد حانت نهاية ذاك الفيلم السينمائي حقيقًة هذه المرة.
طلب منها النزول، أخبرها بأنه وهم، وبأنه يسكن أوراق روايتها فقط، وعليها أن تستيقظ، كانت تقف تحت المطر، أمام محطة القطار، ترتدي المعطف نفسه، مدركة للمرة الأولى، أن ما عاشته، كان وهم، وبأن نشأت؛ هو في الرواية داخل الحاسوب فقط، وبإن رشا والزوج، هم أيضًا داخل الرواية.
ضحكت بهستيرية، مدركة للمرة الأولى، لماذا هي الكاتبة الأكثر شهرة، ولماذا رواياتها لا تلبث وأن يتم بيعها بغمضة عين.