الخلاص
خرجت تركض، تلتفت كل لحظة إلى الوراء، إلى أين تذهب؟ لجأت إلى العديد، لكن، أيٌ منهم لم يفعل أيَ شيءٍ لمساعدتها، لإنقاذها من هذا الكابوس الذي تعيشه، كيف وصلت إلى هنا؟ غبية؟ كلمة سخيفة لا تفي بالغرض..
داخل مواقف السيارات، دفع رأسها نحو عجلة القيادة، ذهب وجاء به، في محاولة لإشباع غروره، وقتلها ربما، وأمام المارة في طريق عام، صفعها، وصرخ في وجهها، معلنًا سيطرته، وانكسارها، وقبل دخول محطة الوقود، أطفئ سيجارته في معصمها..
في كل مرة كانت تهرب، تصرخ في وجه والده وتخبره بأنها خائفة، تبكي في حضن والدته حتى تشعر بالأمان، وسرعان ما يأتي هو معتذرًا ومتعذرًا بغيرته كرجل شرقي، وبطيشها الطفولي، الذي دفعه إلى هذه القسوة…
هي يتيمة الأب والأم والقوة، لا تجد ملجأ سوى به، ففي كل مرة تحاول الهرب فيها، لا تجد أي مخبأ عنه، حماية الأسرة، والداه، الجيران، ليس هناك حل.
هذه المرة أطفئ جمر أرجيلته في ساقها، تلوت من الألم، صرخت بصوت عالٍ، إلا أن الجيران أنفسهم، تجنبوا السمع، لأنهم يعلمون بحق ما يحدث بعد الصراخ، من لجوء إليهم، ثم العودة إلى سابق العهد..
لم تستطع المشي، أجرت مكالمة مع والده، تطلب منه المجيء سريعًا، مع صوت نحيب..
جاء والده، فتح له ابنه الباب، هُرع إلى الداخل لمشاهدة الطفلة المسكينة، وقد ذاب جلد ساقها وبان اللحم والعظم! سمع صوت ابنه يضحك من الخلف،، نظر إليه بغضبٍ متسائلًا حول كونه قد جن، ولكنه لُجم حين باغته قائلًا بأن والده أصبح يحب ضربه وأفعاله القذرة، فهي السبيل إلى لجوء تلك القابعة هناك له، وهو السبيل أيضًا ليمارس معها قذارته!
هو أيضًا يغتصبها بحجة الأمان، وهذا يغتصبها بحجة الزواج، أو الذكورة!
وهي ضعيفة بحجة اليُتم!
خرجت تركض، أو تعرج، لا فرق، نظرت إلى الوراء، لم يتبعها أحد، لقد أيقنوا بأنها ستعود ككل مرة لأنه ليس هناك بيت يؤويها سوى عندهم، لكن؛ هذه المرة اختارت أن تهرب حقًا، نحو فسحة الهواء، ومن أعلى طابق في ذلك المبنى، ألقت بنفسها نحو الخلاص.