مشاهد| هبة وخالد
قصة قصيرة عنوان: اختلاف حيثيات للكاتبة هند ناصرِ

مشاهد| هبة وخالد

المشهد الأول: ليلي، داخلي.

داخل ملهى ليلي، الأضواء الملونة وحدها ترقص مرحًا، واللون الأسود هو من يحتل المساحة الأكبر، في الوسط، شباب وفتيات يتمايلون على ألحان أغنية صاخبة، وهناك، في الزاوية اليسرى من الملهى، درج لولبي يقف عليه شابان مقنعان، يضع أحدهما وجه حصان، والآخر وجه حمار وحشي، يمرر رأس الحمار الوحشي بيده اليسرى مغلف صغير شفاف، إلى يد رأس الحصان اليمنى، ذاك يعاينها بطرف عينه دون أن يرفع يده، ويضعها في جيب بنطاله الجينز الأسود.

المشهد الثاني: ليلي، خارجي.

يقف خالد، متنكرًا بزي شرطي، شاهرًا مسدسه عاليًا في رأس رجل الأمن الواقف على باب الملهى الليلي نفسه، ويجبره على إدخاله تحت تهديد السلاح، يغضب رجل الأمن ويدفع خالد بيديه بعيدًا عنه، وهنا يظهر خالد شارته في وجه الرجل، تاركًا إياه في حالةٍ من الذهول والتوجس لما هو قادم.

المشهد الثالث: ليلي، داخلي

يتسلل خالد الشرطي داخل الملهى الليلي، ويبدأ في تفتيش الحاضرين بعينيه، ويراقب حركة الأيادي وأي تداول للمخدرات في أي اتجاه، وهنا، يشاهد بالقرب من البار، فتاة تبتسم في هدوء لشاب يقف أمامها، إنها هبة، حبيبته، التي هي بالمقابل تلمحه أيضًا، وتظهر عليها علامات الهلع!

المشهد الرابع: ليل، خارجي

رجل الأمن يتحدث عبر جهازه اللاسلكي بصوت منخفض كي لا يلاحظ أي من الواقفين في طابور طويل أمام الملهى في انتظار الدخول: هناك شرطي داخل الملهى، انتبهوا، أكرر انتبهوا.

المشهد الخامس: ليلي، داخلي.

في غرفة سرية أعلى الدرج الملتف، يجلس ذو رأس الحصان مع صديقه ذو رأس الحمار الوحشي، ويخبر صديقه

رأس الحصان: سمعت تنبيه رجل الأمن أليس كذلك؟

رأس الحمار الوحشي: نعم، وليكن، إنه خالد، أعرف جيدًا طريقة التعامل معه، هذا إن وصل إلى هنا..
يضحك الاثنان..

المشهد السادس: ليلي، داخلي.

يقترب خالد من هبة وعلامات الغضب ظاهرة عليه، يشدها من يدها صارخًا

خالد: من هذا، وما الذي تفعلينه هنا؟

هبة: أفلت يدي، وما شأنك أنت؟ ما كان بيننا انتهى، اهتم بشؤونك!

يذهل خالد من ردة فعلها ويقف مصدومًا أمام ما قالته، وهنا تعلو بعض الغوغاء في المكان جراء شجار اثنين من السكارى على إحدى الطاولات الدائرية التي تلتف حول ساحة الرقص.

ينتبه خالد نحو الضجيج، ويلاحظ أن واحد منهم يضم في يده اليسرى كيس صغير شفاف.

يركض مسرعًا ويشد الكيس من يد حاملها، ليشاهد داخله حبات صغيرة من الحلوى على شكل نجوم، وهنا يصرخ قائلًا.

خالد: اللعنة!!

في تلك اللحظة يقترب رأس الحصان من خلف خالد ويصغقه بالكهرباء في رقبته، ليقع خالد مغشيًا عليه.

المشهد السابع: نهاري، داخلي.

يستيقظ خالد في منزله، غرفة صغيرة تضم سرير هو متمدد عليه، نافذة على الجهة اليمنى منه، وأمامه باب الغرفة المغلق، ينهض فزعًا، وهو يصرخ بصوت عالٍ.


خالد: آآآآآه!

المشهد الثامن: نهاري، داخلي.

تقف هبة في مطبخ أنيق رغم صغر مساحته، تُعد كوب من القهوة بآلة صنع القهوة الفرنسية، وفي جانب الآلة علبة من الحليب قليل الدسم، وهي تقوم بصب القهوة داخل كوب لونه أزرق، تسمع صوت صراخ قادم من غرفة النوم، تفزع، وتنسكب القهوة على الأرض، أما هبة، فتتجه راكضة نحو مصدر الصراخ.

المشهد التاسع: نهاري، داخلي

تفتح هبة باب غرفة النوم، وتجد خالد يصرخ وهو في وضعية النهوض من النوم، وعلامات الفزع واضحة وجلية عليه، تقترب منه في محاولةٍ لتهدئته، لكنه يدفعها عنه، فتقع على الأرض، تصرخ قائلة.

هبة: خالد ما بك، إهدأ أرجوك، ما الذي أصابك؟
خالد: أين كنتي ليلة الأمس، لقد شاهدتك مع ذاك الشاب في ملهى الأزقة أوه، أيتها العاهرة!!

هبة تصرخ بأعلى صوتها وتقول: إذًا لقد عدت إلى المخدرات مرة أخرى، لقد أعادك صديقك أمجد في منتصف الليل وأنت مغشي عليك، وحذرني من هلوساتك، لكنني ظننتك تناولت قدح أو قدحين من الخمر فقط، اللعنة عليك!

المشهد العاشر: نهاري، داخلي

تنهض هبة وتخرج من الغرفة على عجل، تاركةً خلفها خالد، الذي جلس يغطي رأسه بيديه في محاولة لاسترجاع ذكريات ما كان في الليلة السابقة، وهنا رفع رأسه مذهولًا، ونهض عن السرير بسرعة، وقام بوضع يده على باب الغرفة من الداخل لفتحه، وجد هبة تقف على الباب، لكنه لم يمتلك الوقت الكافي ليرى ما تحمل في يدها، إذ طعنته على الفور باتجاه معدته، ليقع خالد على الأرض من فوره وعيناه معلقتان في هبة التي ترتسم على شفتاها ابتسامة صفراء، ثم تهبط على الأرض حتى تصبح في مستوى خالد وتهمس في أذنه.

هبة: ما شاهدته البارحة لم يكن حلمًا، ولكن، دورك الآن انتهى.

هند ناصر Hind Naser

Leave your thought here

Your email address will not be published.